الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
صفحة 1 من اصل 1
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
.السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
قال الله عزو جل ( ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) آل عمران 104
المعروف هو ما عرفه الناس بانه محبوب للشارع مفروضا كان او مسنونا او مستحبا . والمنكر هو ما ينكره الشارع محرما كان ام مكروها . ويقول ابن حزم في الفصل في الملل والنحل لابن حزم : ج5 ص 110 اتفقت الامة على وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا خلاف بين احد منهم لقول الآية( ولتكن منكم امة ) الى آخر الآية
ويقول القرطبي عند تفسير قوله تعالى (ان الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيئين بغير حق ، ويقتلون الذين يامرون بالقسط فبشرهم بعذاب اليم ) آل عمران 21
ويقول القرطبي ايضا دلت هذه الآية على ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كان واجبا في الامم المتقدمة وهو فائدة الرسالة وخلافة النبوة:
قال الحسن : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من امر بالمعروف او نهى عن المنكر فهو خليفة الله في ارضه وخليفة رسوله وخليفة كتابه )
ويقول الاستاذ الامام عبده في المضار ج 4 ص 35 بتصرف وفريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تشبه فريضة الحج التي هي فرض عين ، ولكن على المستطيع . وفريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر آكد من فريضة الحج لانه لم يشترط فيها الاستطاعة لانها مستطاعة ، دائما فلا بد للمرء لحفظ نفسه ومن معه من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لا سيما امهات المنكرات المفسدة للاجتماع كالكذب والخيانة والحسد والغش . فهذا ليس من فروض الكفاية التي يتواكل فيها الناس كصلاة الجنازة ، اذ لا يجب على كل من يعلم ان هناك ميتا ان ينتظر غسله ليصلي عليه ، ولكن اذا راى منكرا واجب عليه ان ينهي عنه ولا ينتظر غيره.
فمن هذه الاقوال - الواضحة - تعلم اخا الاسلام انه يجب ان تامر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، حتى تعين على انتشار الفضيلة ، ومحاربة الرذيلة .
وحتى تتحقق الخيرية التي اشار الله سبحانه وتعالى اليها في قوله كنتم خير امة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) آل عمران 110.
ويتحقق الفلاح المشار اليه في قوله تعالى :(ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولائك هم المفلحون ) آل عمران 104 . ونكون به من الذين يستحقون رحمة الله تعالى كما تشير الآية الكريمة التي يقول الله تبارك وتعالى فيها
( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض ، يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويقيمون الصلاة ، ويؤتون الزكاة ، ويطيعون الله ورسوله ، اولائك سيرحمهم الله. ان الله عزيز حكيم )
بل وسنعين عليه على تحقيق النصر المشار اليه في قوله تعالى : ( ولينصرن الله من ينصره ، ان الله لقوي عزيز ، الذين ان مكناهم في الارض ، اقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ، ولله عاقبة الامور ) الحج .
وهناك صفات ينبغي ان يتصف بها الداعي الى الله سبحانه وتعالى ارى كذلك ان اذكرك بها حتى تكون ناجحا في امرك بالمعروف ونهيك عن المنكر ، وحتى تكون اهلا لحمل هذه المهمة العظيمة ان اذيتها باخلاص كنت من ورثة الانبياء وكنت بذلك مفتاحا للخير ، مغلاقا للشر. وحسبك ان تحقق بك هذا ، ان تبشر نفسك بهذا الحديث الذي يقول فيه صلوات الله وسلامه عليه ( لان يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم) اخرجه احمد من حديث معاد ، وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد انه قال ذلك لعلي.
وحتى لا اطيل عليك فاليك الصفات التي ينبغي على من يتصدى للامر بالمعروف والنهي عن المنكر ان يكون متصفا بها .
اولها - العلم : قال تعالى :
( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، وجادلهم بالتي هي احسن ، ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله ، وهو اعلن بالمهتدين ) النحل 125 فالحكمة في هذه الآية هي العلم النافع الذي ان تسلحت به كنت قويا في حجتك، وكنت مؤثرا في قلوب سامعيك . ولهذا فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم مرغبا في طلب العلم ( ان الملائكة لتضع اجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ) رواه احمد وابن حبان والحاكم وصححه من حديث صفوان بن عسال .
وقال صلى الله عليه وسلم ( طلب العلم فريضة على كل مسلم) من حديث رواه ابن ماجة وغيره.
وقال صلى الله عليه وسلم ( من جاءه الموت وهو يطلب العلم ليحيي به الاسلام فبينه وبين الانبياء في الجنة درجة واحدة ) رواه الدارمي وابن السنى في رياضة المتعلمين. وهو حديث مرسل. ولما كان طلب العلم للدعاة بصفة خاصة من اهم ما يجب عليهم ان يتسلحوا به حتى يبلغوا رسالات الله تبليغا صحيحا لا تحريف فيه ولا تخريف. كان لزاما عليهم كما اشرت ان يكون هناك تركيز من جانبهم على طلب العلم . والى هذا يشير الله سبحانه وتعالى : في قوله ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ) الثوبة 122 .
يقول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية : (كان ينطق من كل حي من العرب جماعة من الناس فياتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسالونه ما يريدون من امر دينهم ، ويتفقهون في دينهم ، ويقولون للنبي صلى الله عليه وسلم . ما تامرنا ان نفعله ؟ واخبرنا بما نامر به عشائرنا اذا قدمنا عليهم . قال : فيامرهم النبي صلى الله عليه وسلم ، بطاعة الله وطاعة رسوله ، ويبعثهم الى قومهم بالصلاة والزكاة ، وكانوا اذا اتوا قومهم ...يدعونهم الى الاسلام وينذرونهم النار ويبشرونهم بالجنة). ابن كثير
- ثانيها العمل بما يقول : في القرآن الكريم يقول تبارك وتعالى : ( اتامرون الناس وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون ) البقرة 44 كما ذم سبحانه وتعالى كل من امر بالمعروف ونهى عن المنكر وخالف فعله قوله فقال:( يا ايها الذين ءامنوا لم تقولون ما لاتفعلون . كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون ) الصف .
وفي السنة : عن اسامة بن زيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق اقتاب بطنه( أي تخرج) فيدور بها كما يدورالحمار في الرحى، فيجتمع اليه اهل النار فيقولون يا فلان مالك ؟ الم تكن تامر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول بلى ، كنت آمر بالمعروف ولا آتيه ، وانهى عن المنكر وآتيه ) رواه البخاري ومسلم .
وعن انس ابن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رايت ليلة اسرى بي رجالا تقرض شفاهم بمقاريض من النار ، فقلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : الخطباء من امتك الذين يامرون الناس بالبر وينسون انفسهم وهم يتلون الكتاب ، افلا يعقلون )رواه ابن ابي الدنيا وابن حبان.
وعن جنذب ابن عبد الله الازدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج يضيء الناس ويحرق نفسه) رواه الطبراني باسناذ حسن والبزار
- فلا تنسى كل هذا اخا الاسلام حتى تكون عاملا بما تقول ، وحتى لا تكون من الذين يقولون ما لا يفعلون .
وحسبك كذلك هذه الاثار : قال ابو الدرداء رضي الله عنه :ويل لمن لا يعلم مرة ، وويل لمن يعلم ولا يعمل سبع مرات . احياء علوم الدين. ج 1 ص 36
وقال مالك ابن دينار : ان العالم لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب ، كما يزل القطر عن الصفا . الحجارة الملساء. احياء علوم الدين.ج 1 ص63.
ويقول الامام الغزالي : ان هداية الغير فرع للاهتداء ، وكذلك تقويم الغير فرع للاستقامة ، والاصلاح زكاة مع نصاب الصلاح، فمن ليس بصالح في نفسه فكيف يصلح غيره ، ومتى يستقيم الظل والعود اعوج . احياء علوم الدين ج 2 ص 309
وثلثها الاخلاص:
فينبغي للداعي ان يتحلى بالآداب الشرعية ، والاخلاص في الدعوة الى الله تعالى حتى يكون وارثا نبويا ، وعالما ربانيا، وان يعلم انه لا يجتمع الاخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس ، الا كما يجتمع الماء والنار ، والضب الحوت فاذا حدثتك نفسك بطلب الاخلاص فاقبل على الطمع اولا فاذبحه بسكين الياس ، واقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة ، فاذا تم لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح : سهل عليك الاخلاص ، والذي يسهل عليك ذبح الطمع والزهد في الثناء علمك يقينا انه ليس من شئء يطمع فيه الا وبيد الله تعالى وحده خزائنه لا يملكها غيره ولا يؤتى العبد منها شيئا سواه الذي يسهل عليك الزهد والثناء والمدح علمك انه ليس احد ينفع مدحه ويزين ،ويضر ذمه ويشين ، الا الله وحده ، كما قال ذلك الاعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم ( ان مدحي زين وذمي شين . فقال ذلك الله عز وجل ) قطع من حديث طويل اخرجه ابن اسحاق وغيره عن ابن عباس .فازهد في مدح من لا يزينك مدحه ، وفي ذم من لا يشينك ذمه وارغب في مدح من كل الزين في مدحه ، وكل الشين في ذمه.
فليكن هذا المضمون الجامع دائما وابدا نصب عينيك حتى تكون من المخلصين في دعوتك الى الله سبحانه وتعالى وحتى تكون شجاعا لا تخشى في الله لومة لائم ولا ترضى احدا الا الله.
وحتى تكون من المخلصين ، وتتجنب الرياء : اليك هذا الحديث الصحيح الذي رواه مسلم والنسائي وغيرهما .
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( ان اول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فاتى به فعرفه نعمه فعرفها .قال فما عملت فيها ؟ قال قاتلت فيك حتى استشهدت . قال كذبت ، ولكنك قاتلت لان يقال : فلان جريء فقد قيل. ثم امر به فسحب على وجهه حتى القي في النار . ورجل تعلم العلم وعلمه وقرا القران فاتى به فعرفه نعمه فعرفها . قال فما عملت فيها .قال تعلمت العلم وعلمته وقرات فيك القران . قال كذبت ، ولكنك تعلمت ليقال .عالم . وقرات القران ليقال . هو قاريء فقد قيل. ثم امر به فسحب على وجهه حتى القي في النار. ورجل وسع الله عليه واعطاه من اصناف المال ، فاتى به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها ، قال ما تركت من سبيل تحب ان ينفق فيها الا انفقت فيها لك . قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد ، فقد قيل ، ثم امر به فسحب على وجهه حتى القي في النار)
وفي الاثر يقول سليمان الداراني : طوبى لمن صحت له خطوة واحدة لا يريد بها الا الله .
وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الى ابي موسى الاشعري رضي الله عنه ( من خلصت نيته كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس )
وقال ايوب السختياني : ( تخليص النيات على العمال (العباد) اشد عليهم من جميع الاعمال )
ورابعها: الامانة : والمراد ان يكون المرء امينا في تبليغ دين الله فلا يزيد ولا ينقص ولا يقول عن الله الا ما كان عالما به متمكنا فيه ، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ما صح عنه وكان على دراية بروايته.
ففي القرآن الكريم يقول تبارك وتعالى : قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، والاثم والبغي بغير حق ، وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ، وان تقولوا على الله ما لا تفعلون) الاعراف 33
ويقول تعالى : ( ولا تقولو لما تصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام ، لتفتروا على الله الكذب ، ان الذين يفترون على الله الكذب، لا يفلحون) النحل 116.
وفي السنة يقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه : عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( من قال في القرآن برايه او بما لا يعلم فليتبوا مقعده من النار ) اخرجه الترمدي والنسائي وابو داود ، وقال الترمدي حديث حسن.
وعن المغيرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول( ان كذبا علي ليس ككذب على احد فمن كذب علي متعمدا فليتبوا مقعده من النار) رواه مسلم.
وفي الاثر: روي ان ابا بكر رضي الله عنه قال: أي سماء تظلني ، واي ارض تقلني اذا قلت في كتاب الله ما لا اعلم .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال:( كيف بكم اذا لبستم فتنة يربوا فيها الصغير ويهرم فيها الكبير وتتخد سنة ، فان غيرت يوما قيل هذا منكر ، قال ومتى ذلك ؟ قال: اذا قلت امناءكم وكثرت امرائكم ، وقلت فقهائكم ، وكثرت قرائكم ، وتفقه لغير الدين ، والتمست الدنيا بعمل الآخرة ) رواه عبد الرازق في كتابه: تابع تتمة
قال الله عزو جل ( ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) آل عمران 104
المعروف هو ما عرفه الناس بانه محبوب للشارع مفروضا كان او مسنونا او مستحبا . والمنكر هو ما ينكره الشارع محرما كان ام مكروها . ويقول ابن حزم في الفصل في الملل والنحل لابن حزم : ج5 ص 110 اتفقت الامة على وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا خلاف بين احد منهم لقول الآية( ولتكن منكم امة ) الى آخر الآية
ويقول القرطبي عند تفسير قوله تعالى (ان الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيئين بغير حق ، ويقتلون الذين يامرون بالقسط فبشرهم بعذاب اليم ) آل عمران 21
ويقول القرطبي ايضا دلت هذه الآية على ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كان واجبا في الامم المتقدمة وهو فائدة الرسالة وخلافة النبوة:
قال الحسن : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من امر بالمعروف او نهى عن المنكر فهو خليفة الله في ارضه وخليفة رسوله وخليفة كتابه )
ويقول الاستاذ الامام عبده في المضار ج 4 ص 35 بتصرف وفريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تشبه فريضة الحج التي هي فرض عين ، ولكن على المستطيع . وفريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر آكد من فريضة الحج لانه لم يشترط فيها الاستطاعة لانها مستطاعة ، دائما فلا بد للمرء لحفظ نفسه ومن معه من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لا سيما امهات المنكرات المفسدة للاجتماع كالكذب والخيانة والحسد والغش . فهذا ليس من فروض الكفاية التي يتواكل فيها الناس كصلاة الجنازة ، اذ لا يجب على كل من يعلم ان هناك ميتا ان ينتظر غسله ليصلي عليه ، ولكن اذا راى منكرا واجب عليه ان ينهي عنه ولا ينتظر غيره.
فمن هذه الاقوال - الواضحة - تعلم اخا الاسلام انه يجب ان تامر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، حتى تعين على انتشار الفضيلة ، ومحاربة الرذيلة .
وحتى تتحقق الخيرية التي اشار الله سبحانه وتعالى اليها في قوله كنتم خير امة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) آل عمران 110.
ويتحقق الفلاح المشار اليه في قوله تعالى :(ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولائك هم المفلحون ) آل عمران 104 . ونكون به من الذين يستحقون رحمة الله تعالى كما تشير الآية الكريمة التي يقول الله تبارك وتعالى فيها
( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض ، يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويقيمون الصلاة ، ويؤتون الزكاة ، ويطيعون الله ورسوله ، اولائك سيرحمهم الله. ان الله عزيز حكيم )
بل وسنعين عليه على تحقيق النصر المشار اليه في قوله تعالى : ( ولينصرن الله من ينصره ، ان الله لقوي عزيز ، الذين ان مكناهم في الارض ، اقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ، ولله عاقبة الامور ) الحج .
وهناك صفات ينبغي ان يتصف بها الداعي الى الله سبحانه وتعالى ارى كذلك ان اذكرك بها حتى تكون ناجحا في امرك بالمعروف ونهيك عن المنكر ، وحتى تكون اهلا لحمل هذه المهمة العظيمة ان اذيتها باخلاص كنت من ورثة الانبياء وكنت بذلك مفتاحا للخير ، مغلاقا للشر. وحسبك ان تحقق بك هذا ، ان تبشر نفسك بهذا الحديث الذي يقول فيه صلوات الله وسلامه عليه ( لان يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم) اخرجه احمد من حديث معاد ، وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد انه قال ذلك لعلي.
وحتى لا اطيل عليك فاليك الصفات التي ينبغي على من يتصدى للامر بالمعروف والنهي عن المنكر ان يكون متصفا بها .
اولها - العلم : قال تعالى :
( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، وجادلهم بالتي هي احسن ، ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله ، وهو اعلن بالمهتدين ) النحل 125 فالحكمة في هذه الآية هي العلم النافع الذي ان تسلحت به كنت قويا في حجتك، وكنت مؤثرا في قلوب سامعيك . ولهذا فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم مرغبا في طلب العلم ( ان الملائكة لتضع اجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ) رواه احمد وابن حبان والحاكم وصححه من حديث صفوان بن عسال .
وقال صلى الله عليه وسلم ( طلب العلم فريضة على كل مسلم) من حديث رواه ابن ماجة وغيره.
وقال صلى الله عليه وسلم ( من جاءه الموت وهو يطلب العلم ليحيي به الاسلام فبينه وبين الانبياء في الجنة درجة واحدة ) رواه الدارمي وابن السنى في رياضة المتعلمين. وهو حديث مرسل. ولما كان طلب العلم للدعاة بصفة خاصة من اهم ما يجب عليهم ان يتسلحوا به حتى يبلغوا رسالات الله تبليغا صحيحا لا تحريف فيه ولا تخريف. كان لزاما عليهم كما اشرت ان يكون هناك تركيز من جانبهم على طلب العلم . والى هذا يشير الله سبحانه وتعالى : في قوله ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ) الثوبة 122 .
يقول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية : (كان ينطق من كل حي من العرب جماعة من الناس فياتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسالونه ما يريدون من امر دينهم ، ويتفقهون في دينهم ، ويقولون للنبي صلى الله عليه وسلم . ما تامرنا ان نفعله ؟ واخبرنا بما نامر به عشائرنا اذا قدمنا عليهم . قال : فيامرهم النبي صلى الله عليه وسلم ، بطاعة الله وطاعة رسوله ، ويبعثهم الى قومهم بالصلاة والزكاة ، وكانوا اذا اتوا قومهم ...يدعونهم الى الاسلام وينذرونهم النار ويبشرونهم بالجنة). ابن كثير
- ثانيها العمل بما يقول : في القرآن الكريم يقول تبارك وتعالى : ( اتامرون الناس وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون ) البقرة 44 كما ذم سبحانه وتعالى كل من امر بالمعروف ونهى عن المنكر وخالف فعله قوله فقال:( يا ايها الذين ءامنوا لم تقولون ما لاتفعلون . كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون ) الصف .
وفي السنة : عن اسامة بن زيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق اقتاب بطنه( أي تخرج) فيدور بها كما يدورالحمار في الرحى، فيجتمع اليه اهل النار فيقولون يا فلان مالك ؟ الم تكن تامر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول بلى ، كنت آمر بالمعروف ولا آتيه ، وانهى عن المنكر وآتيه ) رواه البخاري ومسلم .
وعن انس ابن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رايت ليلة اسرى بي رجالا تقرض شفاهم بمقاريض من النار ، فقلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : الخطباء من امتك الذين يامرون الناس بالبر وينسون انفسهم وهم يتلون الكتاب ، افلا يعقلون )رواه ابن ابي الدنيا وابن حبان.
وعن جنذب ابن عبد الله الازدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج يضيء الناس ويحرق نفسه) رواه الطبراني باسناذ حسن والبزار
- فلا تنسى كل هذا اخا الاسلام حتى تكون عاملا بما تقول ، وحتى لا تكون من الذين يقولون ما لا يفعلون .
وحسبك كذلك هذه الاثار : قال ابو الدرداء رضي الله عنه :ويل لمن لا يعلم مرة ، وويل لمن يعلم ولا يعمل سبع مرات . احياء علوم الدين. ج 1 ص 36
وقال مالك ابن دينار : ان العالم لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب ، كما يزل القطر عن الصفا . الحجارة الملساء. احياء علوم الدين.ج 1 ص63.
ويقول الامام الغزالي : ان هداية الغير فرع للاهتداء ، وكذلك تقويم الغير فرع للاستقامة ، والاصلاح زكاة مع نصاب الصلاح، فمن ليس بصالح في نفسه فكيف يصلح غيره ، ومتى يستقيم الظل والعود اعوج . احياء علوم الدين ج 2 ص 309
وثلثها الاخلاص:
فينبغي للداعي ان يتحلى بالآداب الشرعية ، والاخلاص في الدعوة الى الله تعالى حتى يكون وارثا نبويا ، وعالما ربانيا، وان يعلم انه لا يجتمع الاخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس ، الا كما يجتمع الماء والنار ، والضب الحوت فاذا حدثتك نفسك بطلب الاخلاص فاقبل على الطمع اولا فاذبحه بسكين الياس ، واقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة ، فاذا تم لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح : سهل عليك الاخلاص ، والذي يسهل عليك ذبح الطمع والزهد في الثناء علمك يقينا انه ليس من شئء يطمع فيه الا وبيد الله تعالى وحده خزائنه لا يملكها غيره ولا يؤتى العبد منها شيئا سواه الذي يسهل عليك الزهد والثناء والمدح علمك انه ليس احد ينفع مدحه ويزين ،ويضر ذمه ويشين ، الا الله وحده ، كما قال ذلك الاعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم ( ان مدحي زين وذمي شين . فقال ذلك الله عز وجل ) قطع من حديث طويل اخرجه ابن اسحاق وغيره عن ابن عباس .فازهد في مدح من لا يزينك مدحه ، وفي ذم من لا يشينك ذمه وارغب في مدح من كل الزين في مدحه ، وكل الشين في ذمه.
فليكن هذا المضمون الجامع دائما وابدا نصب عينيك حتى تكون من المخلصين في دعوتك الى الله سبحانه وتعالى وحتى تكون شجاعا لا تخشى في الله لومة لائم ولا ترضى احدا الا الله.
وحتى تكون من المخلصين ، وتتجنب الرياء : اليك هذا الحديث الصحيح الذي رواه مسلم والنسائي وغيرهما .
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( ان اول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فاتى به فعرفه نعمه فعرفها .قال فما عملت فيها ؟ قال قاتلت فيك حتى استشهدت . قال كذبت ، ولكنك قاتلت لان يقال : فلان جريء فقد قيل. ثم امر به فسحب على وجهه حتى القي في النار . ورجل تعلم العلم وعلمه وقرا القران فاتى به فعرفه نعمه فعرفها . قال فما عملت فيها .قال تعلمت العلم وعلمته وقرات فيك القران . قال كذبت ، ولكنك تعلمت ليقال .عالم . وقرات القران ليقال . هو قاريء فقد قيل. ثم امر به فسحب على وجهه حتى القي في النار. ورجل وسع الله عليه واعطاه من اصناف المال ، فاتى به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها ، قال ما تركت من سبيل تحب ان ينفق فيها الا انفقت فيها لك . قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد ، فقد قيل ، ثم امر به فسحب على وجهه حتى القي في النار)
وفي الاثر يقول سليمان الداراني : طوبى لمن صحت له خطوة واحدة لا يريد بها الا الله .
وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الى ابي موسى الاشعري رضي الله عنه ( من خلصت نيته كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس )
وقال ايوب السختياني : ( تخليص النيات على العمال (العباد) اشد عليهم من جميع الاعمال )
ورابعها: الامانة : والمراد ان يكون المرء امينا في تبليغ دين الله فلا يزيد ولا ينقص ولا يقول عن الله الا ما كان عالما به متمكنا فيه ، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ما صح عنه وكان على دراية بروايته.
ففي القرآن الكريم يقول تبارك وتعالى : قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، والاثم والبغي بغير حق ، وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ، وان تقولوا على الله ما لا تفعلون) الاعراف 33
ويقول تعالى : ( ولا تقولو لما تصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام ، لتفتروا على الله الكذب ، ان الذين يفترون على الله الكذب، لا يفلحون) النحل 116.
وفي السنة يقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه : عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( من قال في القرآن برايه او بما لا يعلم فليتبوا مقعده من النار ) اخرجه الترمدي والنسائي وابو داود ، وقال الترمدي حديث حسن.
وعن المغيرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول( ان كذبا علي ليس ككذب على احد فمن كذب علي متعمدا فليتبوا مقعده من النار) رواه مسلم.
وفي الاثر: روي ان ابا بكر رضي الله عنه قال: أي سماء تظلني ، واي ارض تقلني اذا قلت في كتاب الله ما لا اعلم .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال:( كيف بكم اذا لبستم فتنة يربوا فيها الصغير ويهرم فيها الكبير وتتخد سنة ، فان غيرت يوما قيل هذا منكر ، قال ومتى ذلك ؟ قال: اذا قلت امناءكم وكثرت امرائكم ، وقلت فقهائكم ، وكثرت قرائكم ، وتفقه لغير الدين ، والتمست الدنيا بعمل الآخرة ) رواه عبد الرازق في كتابه: تابع تتمة
عدل سابقا من قبل ابو وليد في الخميس ديسمبر 25, 2008 4:48 pm عدل 1 مرات (السبب : تابع)
ابو وليد- عدد الرسائل : 86
العمر : 54
العمل/الترفيه : العمل على الدعوة الاسلامية
جنسيتك : مغربي
تاريخ التسجيل : 06/12/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى