حكم الرقية وشروطها في الإسلام
صفحة 1 من اصل 1
حكم الرقية وشروطها في الإسلام
اختلف أهل العلم في حكم الرقية إلى عدة أقوال فذهب جمهور العلماء إلى جواز الرقية للإنسان من كل داء يصيبه بالقرآن كامل والبعض قال بكراهتها إلا بالمعوذتين والبعض ذهبوا إلى جوازها في بعض الأمراض فقط وليس بجميعها ولكن كل هؤلاء أجمعوا على جوازها بشروط ثابتة
ومن الذين أجازوها الشافعي رحمه الله عندما سئل عن الرقية قال : لا بأس أن يرقى بكتاب الله وبما يعرف من ذكر الله. قال الربيع: قلت للشافعي أيرقي أهل الكتاب المسلمين؟ قال نعم إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله وذكر الله . وكذلك أجازها القرطبي والسيوطي والعسقلاني
وقد ذكر حكم الرقية الشيخ الدكتور محـمد عثمان شـبير في كتابه ضوابط التداوي فقال :
اتفق الفقهاء على مشروعية التداوي بالرقى والتمائم في الجملة، واستدلوا لذلك بما يلي:
1- قوله تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلاّ خساراً)
فالمراد بكون القرآن الكريم شفاء للإنسان من جهتين: من جهة القلب؛ فهو يشفيه من الجهل والريب والضلال، لما فيه من الهداية؛ ومن جهة البدن، فهو يشفيه من الأمراض التي تصيبه، لما فيه من البركة
2- المعوذتان: (قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد) (قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس) قال القرطبي: هذه السور (يقصد سورة الفلق)، وسورة الناس والإخلاص تعوَّذ بهن النبي صلى الله عليه حين سحرته اليهود". وقال في معنى"من شر ما خلق"؛ قيل من إبليس وذريته، وقيل جهنم، وقيل: هو عام؛ أي من شر كل ذي شر خلقه الله عز وجل(182).
3- وقوله تعالى : (وأيوب إذ نادى ربه أنى مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر، وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين) ذكر الله تعالى عن أيوب عليه السلام ما كان أصابه من البلاء في ماله، وولده، وجسده، فقد أصيب فيه بالمرض الشديد، وجاءه الأطباء من كل مكان، فلم يفلحوا في تحقيق الشفاء له، فدعا الله عز وجل بأن يزيل ما فيه من بلاء، فاستجاب له وشافاه مما هو فيه من مرض، وأعاد إليه أهله وماله.
4- روى البخاري –بسنده– عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتوا على حي من أحياء العرب فلم يَقْروهم. فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك. فقالوا هل معكم من دواء أو راقٍ؟ فقالوا: إنكم لم تقرُونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جُعلاً، فجعلوا لهم قطيعاً من الشاة، فجعل يقرأ بأم القـرآن ويجمع بزاقه ويتفل فبرئ. فأتوا بالشـاء فقالوا: لا نأخذ حتى نسأل النبـي صلى الله عليه وسلم. فسألوه فضحك وقال: وما أدراك أنها رقية. خذوها واضربوا لي بسهم وفى رواية للترمذي "أن الذي رقاه أبو سعيد الخدري. وفيه أنه قرأ الحمد لله سبع مرات، وأن الغنم كانت ثلاثين شاة. فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة على الرقية بأم القرآن، وهو دليل على المشروعية.
5- وروى البخاري –بسنده- عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوِّذُ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: "اللهم رب الناس اذهب الباس واشفه أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سَقماً"(187).
6- وقد أجمع العلماء على جواز الرقية بكتاب الله تعالى، وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن القيم: "ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة. فما ظنك بكلام رب العالمين الذي فضله على كل كلام . وقال ابن تيمية: "الأدوية أنواع كثيرة، والدعاء والرقى أعظم نوعى الدواء حتى قال أبقراط: نسبة طبنا إلى طب أرباب الهياكل كنسبة طب العجائز إلى طبنا. وقد يحصل الشفاء بغير سبب اختياري، بل بما يجعله الله في الجسم من القوى الطبيعية
أدلة من قال بعدم مشروعية التداوي بالرقى والرد عليها
أوردها الشيخ الدكتور محـمد عثمان شـبير في كتابه ضوابط التداوي
أورد بعض العلماء بعض الشبهات التي ترد على مشروعية التداوي بالرقى والتمائم سأوردها وأجيب عنها- إن شاء الله تعالى.
1- مشروعية التداوي بالرقي والتمائم تتعارض مع حديث مدح ترك الرقية. فقال صلى الله عليه وسلم في صفة الذين يدخلون الجنة بغير حساب: "هم الذين يتطيرون، ولا يكتوون، ولا يسترقون، وعلى ربهم يتوكلون
ولذا يكره التداوي بها. يجاب عن ذلك بأن الجـمع بينه وبين أحاديث مشروعية التداوي بالرقى والتمائم ممكن من عدة وجوه وهي:
أ- حديث: "لا يسترقون"، يحمل على الرقى الجاهلية التي تتضمن الكفر والسحر والكلام غير المعروف. وأما الرقى بآيات القرآن والأذكار المعروفة فلا نهى فيها، بل هو سنة
ب-حديث: ولا يسترقون " يحمل على الأفضلية لا على الوجوب وأما الأحاديث الأخرى فتحمل على الجواز مع أن ترك التداوي أفضل
ج- حديث: "لا يسترقون"، يحمل على صفة الأوليـاء الصـابرين على البـلاء، المُعْرِضين عن أسباب الدنيا الذين لا يلتفتون إلى شيء من علائقها، وتلك درجة الخواص لا يبلغها غيرهم.
وأما الأحاديث الأخرى التي ترخص في التداوي بالرقى؛ فتحمل علـى أنها خاصة بعوام الناس الذين لم يصلوا إلى مرتبة الخواص
2- مشروعية التداوي بالرقى تتعارض مع أحاديث النهى عن الاسترقاء. فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الرقى، وقال: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك. ولذا يمنع التداوي بها.
وأجيب عن ذلك من عدة وجوه:
أ- أن النهي عن الرقى كان في بداية الإسلام، ثم نسخ بأحاديث الجواز.
ب- النهي خاص بالرقى المجهولة المكتوبة بغير العربية ولا يعرف معناها.
ج- أن النهي لقوم كانوا يعتقدون منفعتها وتأثيرها بطبعها، كما كانت الجاهلية تزعمه في أشياء كثيرة
3- القول بمشروعية الرقى قادح في التوكل على الله تعالى. ويؤيد ذلك ما روى الترمذي قال صلى الله عليه وسلم: "من اكتوى أو استرقى، فقد برئ من التوكل
ويجاب عن ذلك بأن الاسترقاء لا يكون قادحاً في التوكل ولا منافياً له، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان على غاية من التوكل وكان يسترقي. فقد روت السيدة عائشة رضى الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها"(
وقال ابن القيم في رد هذه الشبهة: "إن هذه الأحاديث- يقصد أحاديث جواز التداوي- لا تنافي التوكل كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها بل لا يتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيــات
لمسبباتها قدراً وشرعا. وإن تعطيلها يقدح في نفس التوكل، كما يقدح في الأمر والحكمة ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل، فإن تركها عجزاً ينافى حقيقته التوكل الذي هو اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه. ولابد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب، وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً ولا توكله عجزاً"
وأما الحديث الذي استدل به من أثار هذه الشبهة فيحمل على من اعتقد منفعتها وتأثيرها بطبعها كما كانت الجاهلية تزعم.
4- القول بمشروعية التداوي بالرقى والتمائم قادح في إيمان المسلم بالقضاء والقدر، فالمرض من قدر الله تعالى، فلا يدفع بالتداوي. لأن قدر الله لا يدفع ولا يرد.
ويجاب عن ذلك بأن التداوي من قدر الله تعالى ، فيدفع قدر الله بقدره. روى الترمذي عن أبى خزاعة عن أبيه قال: قلت يا رسول الله: "أرأيت رقة نسترقي بها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئاً؟ قال: هو من قدر الله
قال ابن القيم: "هذا السؤال – يقصد ما في الحديث- هو الذي أورده الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأماّ أفاضل الصحابة فأعلم بالله وحكمته وصفاته من أن يوردوا مثل هذا.
وقد أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بما شفى وكفى. فقال هذه الأدوية والرقى والتقى من قدر الله. فما خرج شئ من قدره، بل يرد قدره بقدره، وهذا الرد من قدره، فلا سبيل للخروج عن قدره بوجه ما.
وهذا كرد قدر الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها، وكرد قدر العدو بالجهاد، وكل من قدر الله الدافع والمدفوع والدفع. ويقال لمورد هذا السؤال: هذا يوجب عليك أن لا تباشر سبباً من الأسباب التي تجلب بها منفعة، أو تدفع بها مضرة، لأن المنفعة والمضرة إن قدرتا لم يكن بد من وقوعهما، وإن لم تقدرا لم يكن سبيل إلى وقوعهما. وفى ذلك خراب الدين والدنيا، وفساد العالم، وهذا لا يقوله إلا دافع للحق معاند له، فيذكر القدر ليدفع حجة المحق عليه: كالمشركين الذين قالوا: (لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ). (وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا). فهذا قالوه دفعاً لحجه الله عليهم بالرسل
5- التداوي بالرقى من القرآن يعرض كتاب الله تعالى إلى خطر كبير إن فشل المعالج في العلاج، فسوف يؤدى ذلك إلى فقدان الثقة بالقرآن.
والجواب على ذلك: أن فشل العلاج لا يرجع إلى القرآن. لأن الله تعالى أخبرنا بأنه شاف، والرسول صلى الله عليه وسلم بيَّن ذلك لنا وطبقه في واقع حياته على نفسه وأهله وأصحابه فبرئ المريض الذي عولج به، فلا تتأثر عقيدة المسلم بذلك. وإنما يرجع الفشل إلى المريض، أو إلى المعالج، أو إلى طريقة الوصفة وكميتها؛ فهناك شروط محددة للرقية والمريض والمعالج- سيأتي بيانها في المبحث الثالث- فإذا تخلف شرط منها لم يتأثر المريض بالرقية وفشل العلاج.
أما شروط الرقية
يقول ابن حجر العسقلاني: يتخلص من كلام أهل العلم أن الرقية تكون مشروعة إذا تحقق فيها ثلاثة شروط و هي:
1- أن لا يكون فيها شرك ولا محرم.
2- أن تكون بالعربية أو ما يفقه معناه.
3- أن لا يعتقد كونها مؤثرة بذاتها بل بإذن الله تعالى.
ومن الذين أجازوها الشافعي رحمه الله عندما سئل عن الرقية قال : لا بأس أن يرقى بكتاب الله وبما يعرف من ذكر الله. قال الربيع: قلت للشافعي أيرقي أهل الكتاب المسلمين؟ قال نعم إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله وذكر الله . وكذلك أجازها القرطبي والسيوطي والعسقلاني
وقد ذكر حكم الرقية الشيخ الدكتور محـمد عثمان شـبير في كتابه ضوابط التداوي فقال :
اتفق الفقهاء على مشروعية التداوي بالرقى والتمائم في الجملة، واستدلوا لذلك بما يلي:
1- قوله تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلاّ خساراً)
فالمراد بكون القرآن الكريم شفاء للإنسان من جهتين: من جهة القلب؛ فهو يشفيه من الجهل والريب والضلال، لما فيه من الهداية؛ ومن جهة البدن، فهو يشفيه من الأمراض التي تصيبه، لما فيه من البركة
2- المعوذتان: (قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد) (قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس) قال القرطبي: هذه السور (يقصد سورة الفلق)، وسورة الناس والإخلاص تعوَّذ بهن النبي صلى الله عليه حين سحرته اليهود". وقال في معنى"من شر ما خلق"؛ قيل من إبليس وذريته، وقيل جهنم، وقيل: هو عام؛ أي من شر كل ذي شر خلقه الله عز وجل(182).
3- وقوله تعالى : (وأيوب إذ نادى ربه أنى مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر، وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين) ذكر الله تعالى عن أيوب عليه السلام ما كان أصابه من البلاء في ماله، وولده، وجسده، فقد أصيب فيه بالمرض الشديد، وجاءه الأطباء من كل مكان، فلم يفلحوا في تحقيق الشفاء له، فدعا الله عز وجل بأن يزيل ما فيه من بلاء، فاستجاب له وشافاه مما هو فيه من مرض، وأعاد إليه أهله وماله.
4- روى البخاري –بسنده– عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتوا على حي من أحياء العرب فلم يَقْروهم. فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك. فقالوا هل معكم من دواء أو راقٍ؟ فقالوا: إنكم لم تقرُونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جُعلاً، فجعلوا لهم قطيعاً من الشاة، فجعل يقرأ بأم القـرآن ويجمع بزاقه ويتفل فبرئ. فأتوا بالشـاء فقالوا: لا نأخذ حتى نسأل النبـي صلى الله عليه وسلم. فسألوه فضحك وقال: وما أدراك أنها رقية. خذوها واضربوا لي بسهم وفى رواية للترمذي "أن الذي رقاه أبو سعيد الخدري. وفيه أنه قرأ الحمد لله سبع مرات، وأن الغنم كانت ثلاثين شاة. فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة على الرقية بأم القرآن، وهو دليل على المشروعية.
5- وروى البخاري –بسنده- عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوِّذُ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: "اللهم رب الناس اذهب الباس واشفه أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سَقماً"(187).
6- وقد أجمع العلماء على جواز الرقية بكتاب الله تعالى، وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن القيم: "ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة. فما ظنك بكلام رب العالمين الذي فضله على كل كلام . وقال ابن تيمية: "الأدوية أنواع كثيرة، والدعاء والرقى أعظم نوعى الدواء حتى قال أبقراط: نسبة طبنا إلى طب أرباب الهياكل كنسبة طب العجائز إلى طبنا. وقد يحصل الشفاء بغير سبب اختياري، بل بما يجعله الله في الجسم من القوى الطبيعية
أدلة من قال بعدم مشروعية التداوي بالرقى والرد عليها
أوردها الشيخ الدكتور محـمد عثمان شـبير في كتابه ضوابط التداوي
أورد بعض العلماء بعض الشبهات التي ترد على مشروعية التداوي بالرقى والتمائم سأوردها وأجيب عنها- إن شاء الله تعالى.
1- مشروعية التداوي بالرقي والتمائم تتعارض مع حديث مدح ترك الرقية. فقال صلى الله عليه وسلم في صفة الذين يدخلون الجنة بغير حساب: "هم الذين يتطيرون، ولا يكتوون، ولا يسترقون، وعلى ربهم يتوكلون
ولذا يكره التداوي بها. يجاب عن ذلك بأن الجـمع بينه وبين أحاديث مشروعية التداوي بالرقى والتمائم ممكن من عدة وجوه وهي:
أ- حديث: "لا يسترقون"، يحمل على الرقى الجاهلية التي تتضمن الكفر والسحر والكلام غير المعروف. وأما الرقى بآيات القرآن والأذكار المعروفة فلا نهى فيها، بل هو سنة
ب-حديث: ولا يسترقون " يحمل على الأفضلية لا على الوجوب وأما الأحاديث الأخرى فتحمل على الجواز مع أن ترك التداوي أفضل
ج- حديث: "لا يسترقون"، يحمل على صفة الأوليـاء الصـابرين على البـلاء، المُعْرِضين عن أسباب الدنيا الذين لا يلتفتون إلى شيء من علائقها، وتلك درجة الخواص لا يبلغها غيرهم.
وأما الأحاديث الأخرى التي ترخص في التداوي بالرقى؛ فتحمل علـى أنها خاصة بعوام الناس الذين لم يصلوا إلى مرتبة الخواص
2- مشروعية التداوي بالرقى تتعارض مع أحاديث النهى عن الاسترقاء. فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الرقى، وقال: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك. ولذا يمنع التداوي بها.
وأجيب عن ذلك من عدة وجوه:
أ- أن النهي عن الرقى كان في بداية الإسلام، ثم نسخ بأحاديث الجواز.
ب- النهي خاص بالرقى المجهولة المكتوبة بغير العربية ولا يعرف معناها.
ج- أن النهي لقوم كانوا يعتقدون منفعتها وتأثيرها بطبعها، كما كانت الجاهلية تزعمه في أشياء كثيرة
3- القول بمشروعية الرقى قادح في التوكل على الله تعالى. ويؤيد ذلك ما روى الترمذي قال صلى الله عليه وسلم: "من اكتوى أو استرقى، فقد برئ من التوكل
ويجاب عن ذلك بأن الاسترقاء لا يكون قادحاً في التوكل ولا منافياً له، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان على غاية من التوكل وكان يسترقي. فقد روت السيدة عائشة رضى الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها"(
وقال ابن القيم في رد هذه الشبهة: "إن هذه الأحاديث- يقصد أحاديث جواز التداوي- لا تنافي التوكل كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها بل لا يتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيــات
لمسبباتها قدراً وشرعا. وإن تعطيلها يقدح في نفس التوكل، كما يقدح في الأمر والحكمة ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل، فإن تركها عجزاً ينافى حقيقته التوكل الذي هو اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه. ولابد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب، وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً ولا توكله عجزاً"
وأما الحديث الذي استدل به من أثار هذه الشبهة فيحمل على من اعتقد منفعتها وتأثيرها بطبعها كما كانت الجاهلية تزعم.
4- القول بمشروعية التداوي بالرقى والتمائم قادح في إيمان المسلم بالقضاء والقدر، فالمرض من قدر الله تعالى، فلا يدفع بالتداوي. لأن قدر الله لا يدفع ولا يرد.
ويجاب عن ذلك بأن التداوي من قدر الله تعالى ، فيدفع قدر الله بقدره. روى الترمذي عن أبى خزاعة عن أبيه قال: قلت يا رسول الله: "أرأيت رقة نسترقي بها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئاً؟ قال: هو من قدر الله
قال ابن القيم: "هذا السؤال – يقصد ما في الحديث- هو الذي أورده الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأماّ أفاضل الصحابة فأعلم بالله وحكمته وصفاته من أن يوردوا مثل هذا.
وقد أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بما شفى وكفى. فقال هذه الأدوية والرقى والتقى من قدر الله. فما خرج شئ من قدره، بل يرد قدره بقدره، وهذا الرد من قدره، فلا سبيل للخروج عن قدره بوجه ما.
وهذا كرد قدر الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها، وكرد قدر العدو بالجهاد، وكل من قدر الله الدافع والمدفوع والدفع. ويقال لمورد هذا السؤال: هذا يوجب عليك أن لا تباشر سبباً من الأسباب التي تجلب بها منفعة، أو تدفع بها مضرة، لأن المنفعة والمضرة إن قدرتا لم يكن بد من وقوعهما، وإن لم تقدرا لم يكن سبيل إلى وقوعهما. وفى ذلك خراب الدين والدنيا، وفساد العالم، وهذا لا يقوله إلا دافع للحق معاند له، فيذكر القدر ليدفع حجة المحق عليه: كالمشركين الذين قالوا: (لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ). (وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا). فهذا قالوه دفعاً لحجه الله عليهم بالرسل
5- التداوي بالرقى من القرآن يعرض كتاب الله تعالى إلى خطر كبير إن فشل المعالج في العلاج، فسوف يؤدى ذلك إلى فقدان الثقة بالقرآن.
والجواب على ذلك: أن فشل العلاج لا يرجع إلى القرآن. لأن الله تعالى أخبرنا بأنه شاف، والرسول صلى الله عليه وسلم بيَّن ذلك لنا وطبقه في واقع حياته على نفسه وأهله وأصحابه فبرئ المريض الذي عولج به، فلا تتأثر عقيدة المسلم بذلك. وإنما يرجع الفشل إلى المريض، أو إلى المعالج، أو إلى طريقة الوصفة وكميتها؛ فهناك شروط محددة للرقية والمريض والمعالج- سيأتي بيانها في المبحث الثالث- فإذا تخلف شرط منها لم يتأثر المريض بالرقية وفشل العلاج.
أما شروط الرقية
يقول ابن حجر العسقلاني: يتخلص من كلام أهل العلم أن الرقية تكون مشروعة إذا تحقق فيها ثلاثة شروط و هي:
1- أن لا يكون فيها شرك ولا محرم.
2- أن تكون بالعربية أو ما يفقه معناه.
3- أن لا يعتقد كونها مؤثرة بذاتها بل بإذن الله تعالى.
أم عبد البر- عدد الرسائل : 25
العمر : 94
العمل/الترفيه : العمل
تاريخ التسجيل : 21/10/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى